{وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ} فأدخل يده في جيبه ثم نزعها، وقيل: أخرجها من تحت إبطه فإذا هي بيضاء لها شعاع غلب نور الشمس، وكان موسى آدم، ثم أدخلها جيبه فصارت كما كانت.{قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} يعنون أنه ليأخذ بأعين الناس حتى يخيل إليهم العصا حية والآدم أبيض، ويُري الشيء بخلاف ما هو به.{يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ} يا معشر القبط، {مِنْ أَرْضِكُمْ} مصر، {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} أي: تشيرون إليه، هذا يقوله فرعون وإن لم يذكره، وقيل: هذا من قول الملأ لفرعون وخاصته.{قَالُوا} يعني الملأ {أَرْجِهْ} قرأ ابن كثير وأهل البصرة وابن عامر بالهمزة وضم الهاء، وقرأ الآخرون بلا همز، ثم نافع برواية ورش والكسائي يشبعان الهاء كسرا، ويسكنها عاصم وحمزة، ويختلسها أبو جعفر وقالون.قال عطاء، معناه أخره. وقيل: احبسه، {وَأَخَاهُ} معناه أشاروا عليه بتأخير أمره وترك التعرض له بالقتل، {وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} يعني الشرط والمدائن، وهي مدائن الصعيد من نواحي مصر، قالوا: أرسل إلى هذا المدائن رجالا يحشرون إليك من فيها من السحرة، وكان رؤساء السحرة بأقصى مدائن الصعيد، فإن غلبهم موسى صدقناه وإن غلبوا علمنا أنه ساحر.فذلك قوله: {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} قرأ حمزة والكسائي: {سحار} هاهنا وفي سورة يونس، ولم يختلفوا في الشعراء أنه {سحار}.قيل: الساحر: الذي يَعْلمُ السحر ولا يُعَلِّم، والسحَّار: الذي يعلّم، وقيل: الساحر من يكون سحره في وقت دون وقت، والسحار من يديم السحر.قال ابن عباس وابن إسحاق والسدي: قال فرعون لما رأى من سلطان الله في العصا ما رأى: إنا لا نغالب إلا بمن هو أعلم منه، فاتخذ غلمانا من بني إسرائيل فبعث بهم إلى قرية يقال لها الفرحاء يعلمونهم السحر، فعلموهم سحرا كثيرا، وواعد فرعون موسى موعدا فبعث إلى السحرة فجاءوا ومعلمهم معهم، فقال له: ماذا صنعت؟ قال: قد علمتهم سحرا لا يطيقه سحرة أهل الأرض إلا أن يكون أمرا من السماء، فإنه لا طاقة لهم به، ثم بعث فرعون في مملكته فلم يترك في سلطانه ساحرا إلا أتى به.واختلفوا في عددهم، فقال مقاتل: كانوا اثنين وسبعين، اثنان من القبط، وهما رأسا القوم، وسبعون من بني إسرائيل.وقال الكلبي: كان الذين يعملونهم رجلين مجوسيين من أهل نينوي، وكانوا سبعين غير رئيسهم.وقال كعب: كانوا اثني عشر ألفا. وقال السدي: كانوا بضعة وثلاثين ألفا.وقال عكرمة: كانوا سبعين ألفا. وقال محمد بن المنكدر: كانوا ثمانين ألفا، وقال مقاتل: كان رئيس السحرة شمعون. وقال ابن جريج: رئيس السحرة يوحنا.